الحمد لله الذي خلقنا فسوانا وبالفطرة ذرأنا وحلانا ولتوحيده وعبادته أوجدنا وأحيانا وعن الشرك نهانا فمن أسلم وجهه لله وهو مؤمن فخير مستقرا وأحسن مقاما ومن أشرك به فمأواه جهنم لزاما وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا معين هو القوي المتين العزيز الحكيم خلق الشر والخير فتنة وهو العليم الخبير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي الأمين والرسول الكريم الداعي إلى رضوان رب العالمين بشر بجنة النعيم وحذر من الشرك وبين أن صاحبه في النار من المخلدين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد ..
عباد الله اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء وأنه سبحانه لا يرضى لعباده الكفر فما خلقنا إلا لتوحيده وإفراده بالعبادة والطاعة في جميع ما أمر وحذرنا من الوقوع في ما يوجب سخطه وغضبه من كبائر الذنوب ومنها ما هو كفر وشرك لا يغفر ومنها مادون ذلك مما هو في مشيئة الله عز وجل فان شاء عذب أو غفر وإن من هذه الكبائر التي حرمها الله عز وجل على جميع الأمم ولأنها كفر وشرك
ومن الموبقات ذلك الضرر الخفي الآفة الفتاكة إنه السحر الذي ما منا أحد إلا ويعلمه وأكثرنا يعلم أن الله ذمه وحرمه لعظيم خطره وضرره بل ولعن من يؤمن به قال تعالى ذاما لأهل الكتاب ومحذرا لنا من إتباعهم ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا )
وبين أن تعلم السحر كفر وأنه ضرر لا نفع فيه وإضرار بالأحزان وظلم لهم وأنه طريق الشيطان وأن صاحبه لا خلاق له في الآخرة ولا كرامة له قال تعالى ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون )
هؤلاء هم أهل الباطل الذين خذلهم الله عز وجل في موطن عظيم أمام جمع كثير اجتمع فيه كثير من السحرة بأمر فرعون الذي طغى متحدين لنبي الله موسى عليه السلام الذي أيده الله بعصاه التي يحملها قال تعالى مبينا كيف كانت نهايتهم ونهاية باطلهم ( وألقي ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى )
وبين في موطن آخر أن السحر من الفساد والباطل وانه سبيل المجرمين قال تعالى ( فلما القوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون )
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ في سورة الفلق من شر النفاثات في العقد وهم السحرة وحذر أمته كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر الحديث
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا يدخلن الجنة مدمن خمر ولا مؤمن بسحر ولا قاطع رحم ) ابن حبان قال الألباني (الحلال والحرام )
وعن عمران ابن حصين رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) بزار الباني حسن لغيره (الحلال والحرام )
أحبتي الكرام بعد كل هذه الآيات والأحاديث التي تدل على ان السحر متحقق وقوعه ووجوده ولو لم يكن موجودا حقيقة لم ترد النواهي عنه في الشرع والوعيد على فعله نجد من ينكر وجود السحر ونجد من يؤمن بالسحر يؤمن بوجوده وانه لا يضر بإذن الله ويجتنبه
وهناك من يؤمن بالسحر ويعتقد أنه يضر بذاته وتجده قد اعتمد في حياته على السحرة وهو من المصلين الصائمين أو من المسلمين المفرطين وما أكثرهم في زماننا هذا لقد انتشر السحرة مرة أخرى عندما فشا الجهل وانتهكت الحرمات وتجاوز الناس حدود الله أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فأطبق الجهل عليهم وغطى الهدى على عقولهم وقلوبهم
فما ترى إلا مسحورا أو مسحودا قد اصيبوا بالضرر والجنون والمرض وأكثر ما كان منه سحر التفريق والإيذاء حتى وصل بعضه إلى القتل وقد وجد السحرة سوقا لهم ممن انحرفوا عن سبيل الله القويم حتى إننا لنجد في بلاد المسلمين من السحرة ما يصل إلى طريقه القديم وأن يجنبنا إتباع السحرة المشركين الكافرين وأن يجعلنا من الناصحين لإخواننا المسلمين أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم