تأملت أحوال الناس من حولي فامتلأ قلبي حزنا و أسى ،
كآبة غزت القلوب … أشخاص ضاقت بهم الدنيا و اشتدت عليهم الكروب ،
قلق مستمر و حزن و يأس تغلغل في الصدور …
مع هذا كله أتسائل : أين أصوات الضارعين ؟
أين أصوات المستغيثين برب العالمين ؟
لماذا ينسى الناس أن لهم ربا يقول للشيء كن فيكون ؟
نبي الله موسى (عليه السلام) حين هرب مع قومه
و لحقهم فرعون بجيوشه العظيمة … البحر من أمامهم و فرعون من ورائهم ،
جاء مصمما على إبادتهم جميعا ، هذا الطاغية الذي ذبح الأطفال و أذاق الناس صنوفا من العذاب
جاء إليهم اليوم بقلب مليء بالحقد و الغضب عازما على الانتقام منهم …
هو بجيوشه الجرارة و هم عزل لا حول لهم و لا قوة ،
قال الناس : ( إنا لمدركون ) انتهى ، سنقتل اليوم ،
ليس هناك أمل و لم تبق أي وسيلة للخلاص … في وسط هذا كله
قال كليم الله ( عليه السلام ) : ( كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) ،
لم يكن يعرف كيف سيكون المخرج ، لكنه كان موقنا أن الله معه و لن يتركه و لن يخذله أبدا …
و فعلا نجَى الله نبيه الكريم من كيد الظالمين .
أي قوة امتلكها موسى ( عليه السلام ) … حتى في أحلك الظروف
كان على ثقة كبيرة أن الله سينصره و سيفرج عنه .
إن مسنا الضر أو ضاقت بنا الحيل فلن يخيب لنا في ربنا أمل
و إن أناخت بنا البلى فان لنا ربا يحولها عنا فتنتقل
الله في كل خطب حسبنا ، و كفى إليه نرفع شكوانا و نبتهل
إن الذي يدرك هذا المعنى لا يستسلم مهما حدث ،
حتى و لو سدت الدروب و أغلقت الأبواب ، يقول الله عز وجل في حديث قدسي :
( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي ) ، و تأمل معي هذه الآية الكريمة :
” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ
فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ “
نعم هو قريب منك ، يفهمك دون أن تتكلم ،و ان دعوته فسيجيبك و لن يخذلك …
توجه إليه بصدق ، قل له ما في قلبك و تأكد أنه لن يضيعك فهو يجيب
المضطر اذا دعاه و يكشف السوء و سيجعل لك من كل هم فرجا
و من كل ضيق مخرجا مهما حصل لا تستسلم للظروف
فان لك ربا أكبر من كل شيء ، و ردد دوما : ( إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) .