{ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ
مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ
إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } النساء32
ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم ما فضل الله به غيره من
الأمور الممكنة وغير الممكنة . فــلا تتمنى النساء خصائص الرجال
التي بها فضلهم على النساء، ولا صاحب الفقر والنقص حالة الغنى
والكمال تمنيا مجردا لأن هذا هو الحسد بعينه ، تمني نعمة الله على
غيرك أن تكون لك ويسلب إياها. ولأنه يقتضي السخط على قدر الله
والإخلاد إلى الكسل والأماني الباطلة التي لا يقترن بها عمل
ولا كسب .
وإنمــا المحمود أمران : أن يسعى العبد على حسب قدرته بمــا ينفعه
من مصالحه الدينية والدنيوية، ويسأل الله تعالى من فضله، فلا يتكل
على نفسه ولا على غير ربه. ولهذا قال تعالى : { لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ
مِّمَّا اكْتَسَبُواْ } أي : من أعمالهم المنتجة للمطلوب .
{ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ } فكل منهم لا يناله غير
ما كسبه وتعب فيه .
{ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ } أي : من جميع مصالحكم في الدين
والدنيا. فهذا كمال العبد وعنوان سعادته لا من يترك العمل،
أو يتكل على نفسه غير مفتقر لربه، أو يجمع بين الأمرين
فإن هذا مخذول خاسر .
وقوله : { إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } فيعطي من يعلمه
أهلا لذلك ، ويمنع من يعلمه غير مستحق .